نص محاضرة اطلاق دراسة انعكاسات الأزمة الاوكرانية على العالم العربي :

اطلاق دراسة انعكاسات الأزمة الاوكرانية على العالم العربي للاستاذ الدكتور وليد عبدالحي

عقدت في الجمعية الاردنية للعلوم السياسية يوم الاربعاء بتاريخ 22/6/2022  حيث استهل رئيس الجمعية الاردنية للعلوم السياسية أ.د. خالد شنيكات الحديث بالترحيب بالضيف الكريم والحضور، وأدارت المحاضرة الزميلة الدكتورة ريما ابوحميدان، واتبع ذلك نقاشات دارت بين الحضور والمحاضر، وفيما يلي المحاضرة

نص المحاضرة
قد تكون الازمة الأوكرانية مفاجئة لقطاع  واسع من الرأي العام الدولي، لكنها ليست كذلك للمتخصصين في الشأن الدولي وللدول التي فيها مراكز دراسات جادة او فيها هيئات رسمية استشارية لصناع القرار، ويكفي النظر في مسالتين بينهما ترابط وثيق لتأكيد فكرة ان الازمة ليست مفاجئة لهذه الشرائح الدولية:
اولا: ما يسمى الوثائق الرئاسية الروسية والممهورة  بتوقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منذ عام 2002 وصولا الى عام 2015،  وتكشف احد هذه الوثائق المكونة من 41 صفحة  والصادرة بتاريخ 31 ديسمبر 2015 ما يلي: 
أ‌- إن تعزيز القدرات العسكرية لمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ومنحها وظائف عالمية بشكل فيه انتهاك لقواعد القانون الدولي ، اضافة الى تحفيز النشاط العسكري لدول الحلف وتوسيع مجال عضويته ، وزيادة توسع الحلف ، وانشاء  بنية عسكرية تحتية للحلف بالقرب من الحدود الروسية ، كلها عوامل تشكل تهديدًا للأمن القومي الروسي.وتتقلص فرص الحفاظ على الاستقرار العالمي والإقليمي بشكل كبير مع تموضع مكونات نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي في أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ والشرق الأدنى  الى جانب نشر أنظمة الأسلحة الاستراتيجية الدقيقة ونشر أسلحة في الفضاء.
ب‌- إن موقف الغرب الهادف إلى مواجهة عمليات التكامل وخلق نقاط  توتر في منطقة أوراسيا يمارس تأثيراً سلبياً على تحقيق المصالح الوطنية الروسية،وقد أدى دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للانقلاب المناهض للدستور في أوكرانيا إلى انقسام عميق في المجتمع الأوكراني وظهور نزاع مسلح فيها، وإن تقوية الأيديولوجية القومية اليمينية المتطرفة ، والتصوير المتعمد لصورة روسيا في ذهن  السكان الأوكرانيين كعدو ، والرهان غير المقنع على الحل القسري للتناقضات وللأزمة الاجتماعية والاقتصادية العميقة في اوكرانيا ، حوَّل أوكرانيا إلى موضع عدم استقرار في البلاد وفي أوروبا وفي الجوار المباشر لحدود روسيا.
ت‌- هناك خطر مستمر يتمثل في زيادة عدد الدول التي تمتلك أسلحة نووية  اضافة الى انتشار الأسلحة الكيماوية واستخدامها ، الى جانب الشكوك  بشأن حالات امتلاك دول أجنبية لأسلحة بيولوجية وإمكانية تطويرها وإنتاجها،كما ان  شبكة المعامل العسكرية البيولوجية الأمريكية يتم توسيعها  في أراضي الدول المجاورة لروسيا.
ث‌- في مجال الأمن الدولي ، تظل روسيا ملتزمة باستخدام الأدوات السياسية والقانونية والآليات الدبلوماسية وآليات حفظ السلام في المقام الاول ، ولا يمكن استخدام القوة العسكرية لحماية المصالح الوطنية إلا إذا ثبت عدم فاعلية جميع الإجراءات المعتمدة  السابقة الذكر.
ثانيا: الادبيات السياسية للنخب الفكرية الروسية بخاصة ذات التاثير على هيئات صنع القرار الروسي،ويكفي أن اشير الى أن اهم مفكر روسي معاصر وهو الكسندر دوغينAlexander) Duggin   ) والذي يسميه الغرب " دماغ بوتين" (Putin Brain) عالج القضية وحدد مسارها بالتفصيل في كتابه" اسس الجيوبولوتيك " الصادر عام 1999 ، ويقول دوغين حرفيا ما يلي:
 1- ان النزعة الاستقلالية لاوكرانيا ستثير نزاعا مسلحا مؤكدا  مع روسيا.
2- ان سيطرة الناتو على البسفور والدردنيل يجعل من السيطرة على البحر الاسود امرا لا قيمة له لتحقيق الوصول للمياه الدافئة.
3- ان محاولة الانضمام الى الناتو من قبل اوكرانيا تمثل " شذوذا مطلقا يتم من خلال خطوات غير مسئولة"
4- ان النزعة الاستقلالية لاوكرانيا تمثل تهديدا خطيرا لمشروع الاوراسية التي هي الهدف المركزي لاستراتيجية روسيا.
5- يجب السيطرة الروسية على شواطئ البحر الاسود الشمالية سيطرة مطلقة امتدادا من الاراضي الاوكرانية الى الاراضي الابخازية.
6- ضرورة الابعاد التام للنفوذ الغربي من هذه المنطقة ومن كل الجوار الروسي.
ويعود دوغين لموضوع اوكرانيا فيقول:
أ‌- ان الواقع الجيبولتيكي والاثني الاوكراني لا يسمح لها الا ان تكون :محايدة" لا غربية ولا شرقية.
ب‌- وجود اوكرانيا بحدودها الحالية وبتوجهاتها السيادية هو" ضربة قاصمة الى الأمن الجيوبولوتيكي لروسيا ويعادل اختراق اراضيها".
ت‌- يجب تقسيم أوكرانيا الى: 
1- أوكرانيا الشرقية(من شرق نهر الدنيبر الى حتى بحر أزوف) والتي يغلب عليها القومية الروسية والارثذوكسية
2- القرم: وهي منطقة متنوعة من الناحية الاثنية ولبعض مجموعاتها ارتباطات معادية للجيوبولتيك الروسي( مثل التتار)، لذا يجب السيطرة على القرم وجعلها تابعة للسيادة الروسية0
3- الوسط الأوكراني من تشيرنيغوف الى أوديسا وهي منطقة اقرب لأوكرانيا الشرقية ويدخل في النظام الجيوبولوتيكي الروسي دون شروط
4- الغرب الاوكراني وهو الاكثر عداء لروسيا ويجب اجتثاث تبعيته للاطلسي وان يقام فيه " المجمع الدفاعي القاري الاوراسي" الذي يتعاون فيه القلب الاوراسي(روسيا) مع القلب الاوروبي(المانيا) لاستكمال فك الرباط بين اوروبا والولايات المتحدة على المدى البعيد، لان وجود اوكرانيا مستقلة هو بمثابة " اعلان حرب جيبولوتيكية على روسيا".
5- ان تجنب روسيا لضربة اطلسية يستوجب اجراءات روسية فورية مع اوكرانيا.
ان كل ما سبق يشير بشكل واضح  أن القضية الاوكرانية  هي استمرار للسياسة الروسية لتجريد كل دول المجال الحيوي المجاور مباشرة لروسيا من أية ارتباطات بترتيبات الامن الغربية على اختلاف اشكالها، الى جانب التأكيد الواضح على انه في حالة ما لم يتم تحقيق هذا الهدف بالوسائل السلمية فيجب تحقيقه بالقوة.
 
                                          انعكاسات الازمة على العالم العربي:
ان التحليل الاستراتيجي لخلفية هذه الأزمة يشير الى أنها تعبير عن تنافس بين امبراطوريتين  ، الاولى امبراطورية الاتحاد السوفييتي التي تفككت وتخشى ان يتواصل التفكك بالعبور الى داخل الدولة المركز (Core State) وهي روسيا، والثانية امبراطورية تتراجع- وهي الولايات المتحدة - في عدد واضح من مؤشرات القوة الخشنة والناعمة على حد سواء. ، فتفكك الاتحاد السوفييتي تواصل بتداعياته الخطرة على الدولة الروسية كما اشرنا لذلك في رؤية بوتين والكسندر دوغين،اما التراجع الامريكي فهو ظاهرة تناولها فيض من الدراسات الامريكية بدءا من بول كينيدي(Paul Kennedy) الذي راى ان التمدد الزائد(Overstretch ) للامبراطورية الامريكية بدأ يلقي باعبائه عليها وسيدفعها للتراجع، ثم دراسة ريتشارد بارنت Richard) (Barnet الذي قدّر في الثمانينيات أن الولايات المتحدة ستَعرِف مظاهر التراجع بشكل واضح خلال ربع قرن، وأيدت دراسة لفلورا لويس(  Flora Lewis) بعد عام من دراسة بول كينيدي فكرة الأعباء التي أصبحت تثقل كاهل الولايات المتحدة وتدفعها للتراجع، كما رأى جيمس شليزنجر( James Schlesinger) أن فكرة تراجع الولايات المتحدة في سلَّم القوى الاقتصادية والعسكرية والنفوذ السياسي أمر مسلَّم به، وحلّل بيتر باسيل(  Peter Passell)  فقدان الولايات المتحدة مركز الريادة في تنافسها الاقتصادي والعلمي مع اليابان، وأكد توم ويكر Tom) (Wicker  أن تبعية الولايات المتحدة في مجال المواد الخام ومصادر الطاقة يضعف قدرتها في الحفاظ على موقعها المتقدم كقوة عظمى، وتزايدت ادبيات نظرية التراجع الامريكي منذ سنة 2004، مع ظهور دراسة نيل فيرجسون(Niall Ferguson) ، إذ رأى فيرجسون أن الولايات المتحدة تطمح إلى “عولمة الأسواق الحرة، وسيادة القانون، والحكومة التمثيلية، لكنها تتجنب الالتزامات طويلة الأجل للقوى العاملة والمال التي لا غنى عنها في القيام بدور أكثر فاعلية في حلّ الصراعات الدولية، لا سيّما في الدول الفاشلة ، ويرى أن الولايات المتحدة إمبراطورية في حالة إنكار لتراجعها لا سيّما بفعل الضعف الداخلي فيها، خاصة فيما يتعلق بالعجز المالي وضعف القوة البشرية، كما لا تعترف بحجم المسؤوليات العالمية. ويعتقد أن الولايات المتحدة في طور التراجع لكنه يرى أن أحداً من القوى الكبرى لن يحلّ محلها، ولكن التنظيمات “الإرهابية” وعصابات الجريمة المنظمة ستملأ الفراغ. وهو ما يشكل مبرراً من وجهة نظره لعودة التعاون الأمريكي الصيني الأوروبي. ويمثل فيرجسون أحد أكثر المفكرين الأمريكيين عداء للاتحاد الأوروبي، وكان يدعو الرئيس دونالد ترامب (Donald Trump) إلى عدم المواجهة مع الصين، وضرورة التعامل مع روسيا كقوة عظمى، والاعتراف لها بمجال حيوي في أوراسيا.ومثّلت دراسة مجلس المخابرات الوطني الأمريكي National Intelligence) Council )الصادرة سنة 2008 أحد التنبؤات المعززة لفكرة تحوّل النظام الدولي إلى التعددية القطبية،  حيث تتحدث عن ظهور قوى كبرى جديدة، ومواصلة العولمة الاقتصادية، وانتقال الثروة الدولية من الغرب إلى الشرق، وتنامي الكيانات ما دون الدولة وما فوقها، كما سيتجه العالم نحو قدر أقل من الفجوة بين الأقاليم والدول في النظام الدولي القادم، والذي حدده التقرير في سنة 2025.
 ويبدو ان كل من الامبراطوريتين(التي تفككت والتي تتراجع) تسعى بين الحين والآخر لتوظيف الاقاليم الجيواستراتيجية لصالحها بهدف منع استمرار التفكك في الداخل الروسي ومنع لجم توسيع مجالها الحيوي من ناحية بينما تسعى الامبراطورية الاخرى-الامريكية- الى منع تسارع تراجعها واعادة ترميم بعض علاقاتها مع اوروبا بخاصة في اطار التراخي في بنية حلف الناتو ، ولا شك في أن كل ما سبق  يمتد بآثاره  مرة اخرى الى الشرق الاوسط بخاصة في اجزائه العربية.
ومن الواضح ان هناك احساسا في منطقة الشرق الاوسط بأن أهمية الشرق الاوسط للسياسة الامريكية تراجعت هي الاخرى(وهو امر جلي في الخطة الاستراتيجية التي نشرها الرئيس الامريكي بايدن) وهو ما دفع بعض دول المنطقة الى محاولة التعويض عن التراجع الامريكي بالتقارب مع اسرائيل لمواجهة الخصوم الداخليين لكل دولة ناهيك عن تكريس نزعة التحالف ضد ايران ، ويبدو ان الازمة الاوكرانية ستعمق تقليص المتابعة الامريكية للشأن الشرق الاوسطي خلال الفترة القادمة مما سيؤثر على العلاقات العربية مع كل من اسرائيل وايران وتركيا ، بل ان درجة الاستجابة الشرق اوسطية للمطالب الأمريكية بخصوص الازمة الاوكرانية (الحصار لروسيا او دعم أوكرانيا عسكريا، او زيادة انتاج الغاز والبترول..الخ) تشير الى قدر من عدم الاستجابة التي تعكس الشعور بالتغير " النسبي"  في المكانة الشرق اوسطية في الاستراتيجية الامريكية.
أما على الجانب الروسي ، فإن من بين ما تواجهه السياسة الروسية في التعاطي مع المنطقة العربية هو اشكالية  قدرتها على التوفيق بين تناقضات القوى الاقليمية ، وهو ما يظهر في الجوانب التالية:
أ‌- اشكالية التوفيق بين المصالح الروسية والتناقضات الايرانية والاسرائيلية
ب‌- اشكالية التوفيق بين التناقضات الخليجية بشكل خاص ونسبة كبيرة من الدول العربية وبين ايران
ت‌- اشكالية التوفيق بين المتطلبات الامنية الاسرائيلية في سوريا والمتطلبات الامنية لسوريا
ث‌- اشكالية التوفيق بين الالتزامات الروسية تجاه  الحقوق الفلسطينية من ناحية والمتطلبات الاسرائيلية من ناحية اخرى
وتزداد تعقيدات التوفيق في هذه الجوانب السياسية باضافة اشكالية التباين في حجم العلاقات التجارية بين روسيا والمنطقة العربية على النحو التالي :
أ‌- ان المعدل السنوي لحجم التبادل التجاري الروسي مع المنطقة العربية   خلال السنوات الثلاث الماضية هو 18 مليار دولار تقريبا ، لكننا نلاحظ ان الدول العربية تتوزع الى مجموعتين هما الدول الاكثر استيرادا للسلع المدنية الروسية( بخاصة القمح والحديد) والدول الاكثر استيرادا للسلع العسكرية الروسية ، فمثلا تقف مصر والمغرب والامارات والسعودية وتونس والاردن وقطر بالترتيب على راس مجموعة الدول العربية الاكثر استيرادا من روسيا للسلع المدنية ، بينما في الجانب العسكري نجد انه خلال الفترة من 2017-2021  تقف سوريا  على راس قائمة الدول المستوردة للسلاح الروسي بنسبة 95% من اسلحتها، تليها الجزائر بنسبة 81% ثم  العراق بمعدل 44%  تليها مصر 41%  ثم الامارات العربية المتحدة بنسبة 5.3%   ، مع الاخذ في الاعتبار ان حجم مبيعات الروس من السلاح للدول العربية خلال الفترة من 2016-2021 يشكل 21% من اجمالي مبيعاتها وهو ما يعادل حوالي 5 مليار سنويا.
وتبدو انعكاسات الازمة الاوكرانية على العلاقات العربية الروسية في أن العلاقة بين الدول العربية المستوردة  للسلع الروسية المدنية والدول العربية المستوردة للسلع العسكرية الروسية كثيرا ما كانت علاقات متضاربة مما يخلق مشكلة لروسيا في كيفية لجم انعكاسات الخلافات العربية على علاقتها مع كل الدول العربية بخاصة ان الفترة القادمة-السنوات الخمس القادمة- تشير الى ان الحصار الاقتصادي الدولي على روسيا سيطال السلع المدنية أكثر من السلع العسكرية، وهو ما يعني ان الحاجة الروسية للدول العربية المستوردة للسلع المدنية ستكون أكبر من حاجتها المباشرة للدول العربية المستوردة للسلع العسكرية، وهو ما قد يؤثر على بعض توجهاتها في المنطقة لاسيما في الموضوع الفلسطيني بخاصة ان حجم العلاقات التجارية الفلسطينية الروسية لا يتجاوز الخمسة ملايين دولار  طبقا لاحصاءات عام 2020 . من ما مجموعه 18 مليار دولار حجم التجارة العربية الروسية عام 2021  ، ومن هنا فان العلاقات العربية الروسية معرضة في المستقبل القريب الى تذبذب قد يكون حادا في بعض الاحيان.
ب‌- نجد نفس الاشكالية عند المقارنة  بين حجم علاقات روسيا  مع اسرائيل والتي  تفوق 3.5 مليار دولار منها 828 مليون دولار واردات روسية من اسرائيل ، وعلاقاتها مع ايران التي يصل اجمالي تجارتها مع روسيا الى 797 مليون دولار، وهو ما يعني أن تطوير العلاقة مع اي من الطرفين(ايران واسرائيل) سيخلق اشكالا لروسيا بخاصة في ظل الحصار الدولي على روسيا ومدى الالتزام به.
            البعد  الفلسطيني والاسرائيلي في الازمة الاوكرانية
نستدل من كل ما سبق ان الاحتقان في السياسة الدولية حول اوكرانيا كان يشير بشكل لا لبس فيه ان ايقاع التفاعلات حولها يتسارع، وان المواجهة قادمة بشكل واضح،ولا نظن ان اسرائيل(وفي ضوء تسللها الى اغلب هيئات صنع القرار في الدول الكبرى) بعيدة عن هذا التوقع.
ونظرا للعلاقة الامريكية الاسرائيلية والعلاقة الحميمة بين الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي(Volodymyr Zelensky) من حيث مواقفه المساندة للسياسة الاسرائيلية ومن حيث يهوديته الدينية الى جانب يهودية رئيس وزرائه ايضا دينيس شمايهال (Denys Shmyhal) من ناحية   ، والرغبة الاسرائيلية في عدم استفزاز القيادة الروسية بخاصة من ناحية ثانية ، عملت الحكومة الاسرائيلية على محاولة الموازنة بين مواقفها بشكل لا يترتب عليه خسارة استراتيجية لها، وهو أمر يتناغم مع توجهات الرأي العام الاسرائيلي الذي توزعت توجهاته بخصوص الازمة الاوكرانية على النحو التالي:
ولا شك ان مضمون خطاب الرئيس الاوكراني زيلينسكي في الكنيسيت الاسرائيلي يشير الى عمق العلاقة بين اسرائيل وأوكرانيا،لا سيما مع ادراك الرئيس الاوكراني التعاطف الشعبي الاسرائيلي مع بلاده، وقد اشار في خطابه الى النقاط التالية ذات الدلالة الواضحة:
1- مقارنته بين "التهديد العربي" للوجود الاسرائيلي وبين التهديد الروسي لوجود اوكرانيا.
2- مطالبته لاسرائيل بتزويد بلاده بالاسلحة لا سيما انظمة الدفاع الجوي.
3- مطالبته اسرائيل بتطبيق الحصار على روسيا وشركاتها وشخصياتها النافذة
4- انتقاده ضمنيا لمسعى الوساطة الاسرائيلي في النزاع بقوله ان الوساطة تكون بين الدول لا بين الخير والشر.
ذلك يعني ان الموقف الاسرائيلي باعلان الحياد أو بالوساطة بين طرفي النزاع يشير الى حرج اسرائيلي واضح لان اي موقف للحكومة الاسرائيلية ستترتب عليه آثار تسعى الدبلوماسية الاسرائيلية لتجنبها.
لكن ذلك لا ينفي ان هناك جوانب في الازمة قابلة  للاستثمار الحكومي الاسرائيلي على النحو التالي :
1- تهجير يهود اوكرانيا: ما  أن بدأت المواحهات العسكرية حتى أعلن وزير الهجرة الاسرائيلي (Pnina Tamano-Shata) عن استعداد اسرائيل لاستقبال آلاف المهاجرين  " اليهود " من أوكرانيا،، بل ان جهات اسرائيلية اشارت الى ان اسرائيل اخطرت يهود اوكرانيا  مسبقا بالتهيؤ للهجرة في حالة نشوب النزاع المسلح،  وقد بدأ بعضهم بالوصول لاسرائيل فعلا سواء من أوكرانيا او من روسيا ، ويقدر معهد بحوث السياسة اليهودية(Institute for Jewish Policy Research) ان عدد اليهود في اوكرانيا الذين يمكن ان يستفيدوا من قانون العودة الاسرائيلي ويهاجروا لاسرئيل من اوكرانيا هو حوالي 200 الف يهودي يتركزون في كييف ودينيبروبتروفيسك وخاركوف واوديسا( Kiev, Dnepropetrovsk, Kharkov and Odessa) مع ملاحظة ان هذه المدن هي موضع قتال شرس فيها او حولها، وهو ما يشدد الضغوط على يهود هذه المدن للهجرة، لكن تقريرا للقناة الفضائية الاسرائيلية (13) يشير الى ان صورة الاضطراب العام في الشرق الاوسط وآثار معركة سيف القدس تدفع أغلبية يهود أوكرانيا للتردد في الهجرة او للتوجه نحو دول اخرى غير اسرائيل، ، وقد اشارت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى أن حوالي 50% فقط من اليهود الاوكرانيين الذين يريدون مغادرة اوكرانيا يريدون الذهاب لاسرائيل ،مع ملاحظة ان أوكرانيا تمنع الهجرة للذكور ممن تقع أعمارهم بين 18 و 60 سنة ، وتعمل وزيرة الداخلية الاسرائيلية ايليت شاكد (Ayelet Shaked) التي تتوقع وصول عشرات الآلاف من يهود أوكرانيا  على تسهيل الهجرة  اليهودية من اوكرانيا ، وطالبت بعدم اخضاع اليهود لبعض القيود الامنية عند الوصول، مع الاشارة الى احتمال تجميعهم مؤقتا في معسكرات في صحراء النقب. ، رغم ان دائرة الهجرة اليهودية اشارت حتى اول مارس (اليوم الخامس للحرب) الى وصول 303 مهاجرين لكن 50 منهم منعوا من الدخول.
غير أن بعض الهواجس بدأت تطل داخل المجتمع الاسرائيلي بين اليهود من " اصول روسية" واليهود من أصول أوكرانية ، وبدأت الحرب تترك اثارها على الولاءات الفرعية(يهودي روسي/يهودي أوكراني) داخل المجتمع الاسرائيلي. بل إن الجدال عاد للمجتمع الاسرائيلي حول من هو اليهودي؟ ومن يجب السماح له بحمل الجنسية الاسرائيلية؟ وهل يتم تطبيق قانون العودة الصادر عام 1950 على مهاجري أوكرانيا أم لا في ظل اعتراضات بعض الحاخامات على "هوية " مهاجري اوكرانيا او روسيا بشكل خاص؟ لا سيما مع التاكيد على التمييز بين الاسرائيلي الذي هو حفيد أربع جدود(والدا أمه وابيه) او جدين(أحد والديه ليس يهوديا)..الخ.
من جانب آخر، فان العديد من النخب الاقتصادية في روسيا ممن هم من مزدوجي الجنسية الروسية والاسرائيلية (مثل رومان ابراموفيتش (Roman Abramovich) أو ميخائيل فريدمان (Mikhail Fridman) او بيتر آفين Petr Aven) ) او فيكتورفيكسيلبيرغ (( Viktor Vekselberg  ..الخ. 
2- دفع الموضوع الفلسطيني نحو مزيد من الظلال: نظرا للضعف الشديد في القيادة الفلسطينية وهشاشة الدبلوماسية الفلسطينية،فان اسرائيل ستستغل ذلك لدفع الموضوع الفلسطيني للخلف في تفاعلات الحياة الدولية.ولكن الفلسطينيين يجب ان يستثمروا النتائج المحتملة للحرب الروسية الأوكرانية من خلال:
أ‌- ان تثبيت استقلال الجمهوريتين الاوكرانيتين في الشرق الاوكراني( اقليم دونباس) سيعزز من فكرة حق تقرير المصير، وهو امر يصب في دلالاته العامة لصالح الفلسطينيين من حيث الحق في انشاء دولة فلسطينية على غرار ما جرى في شرق اوكرانيا.
ب‌- ان نجاح روسيا في فرض شروطها على المجتمع الدولي والقبول القسري بنتائج استراتيجيتها تجاه اوكرانيا يعزز فكرة التعدد القطبي على حساب الاحادية القطبية ،وهو امر في صالح الطرف الفلسطيني، وبالمقابل فان تعزيز الغرب لفكرة المقاومة للاحتلال الروسي لاوكرانيا يعزز حقق الفلسطينيين في حق المقاومة أسوة بالاوكرانيين، وهو امر بدأت بعض الاصوات الغربية تتحدث عنه وتنتقد ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع المقاومة الفلسطينية ووصفها بالارهاب رغم أن النسبة الاغلب من  القرارات الدولية تقف الى جانبها،الى جانب انتقاد السرعة الغربية في فرض العقوبات على روسيا من الايام الاولى للتحرك العسكري الروسي بينما لم تفرض اي عقوبات ذات معنى على اسرائيل رغم مرور 55 عاما على احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة ناهيك عن فترة اطول في اراضي 1948، ورغم ان منظمة العفو الدولية طالبت في الشهر الماضي بفرض عقوبات اقتصادية على اسرائيل بسبب سياساتها " العنصرية" ، إلا ان وزير الخارجية الامريكي  بلينكن(Blinken ) وفي نفس الخطاب الذي دعا فيه لعقوبات ضد روسيا وصف دعوة مجلس حقوق الانسان الاممي بالتحقيق في انتهاكات اسرائيل في الاراضي المحتلة بانها" وصمة في مصداقية المجلس" وطالب بوقفها، لكن برلمانيين واعلاميين اوروبيين اثاروا هذه الازدواجية الغربية في مناسبات عدة منذ اشتعال الازمة الاوكرانية. 
لكن الطرف الاسرائيلي يرى ان  الانشغال العالمي بالازمة الاوكرانية صرف الاهتمام عن ممارساتها في الاراضي الفلسطينية المحتلة( الاستيطان، التضييق على السجناء، تزايد حواث القتل للمدنيين الفلسطينيين، استمرار التضييق على سكان الشيخ جراح في القدس، تزايد في اعداد المعتقلين المدنيين، هدم المنازل..الخ) مع ملاحظة تكرار الضربات الجوية والصاروخية على اهداف سورية بوتيرة اعلى من الفترات السابقة، فمنذ بداية العام الى يوم 24 فبراير - بدء الهجوم الروسي على اوكرانيا- وقع 5 هجمات اسرائيلية على سوريا اي بمعدل هجوم كل 11 يوما تقريبا، بينما  هاجمت اسرائيل سوريا خلال الفترة منذ 24 فبراير الى 8 مارس ثلاث مرات ،اي بمعدل هجوم كل 4 أيام تقريبا.
3- محاولة التوسط في النزاع بهدف زرع فكرة " المساهمة الاسرائيلية في السلام العالمي" وتحسين صورة اسرائيل الدبلوماسية، فرغم ان المسؤولين الاوكرانيين أبدوا " خيبة أملهم من ضعف الموقف الاسرائيلي تجاه قضيتهم ،فقد انهمك رئيس الوزراء الاسرائيلي في محاولاته للتهيئة لمفاوضات مباشرة بين روسيا واوكرانيا، بل ادعى رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيت(Bennett) انهم لعبوا دورا في الترتيب للمفاوضات بين طرفي النزاع على الحدود البيلوروسية. ولضمان قبول اسرائيل كوسيط فان اسرائيل "ادانت العملية العسكرية الروسية" من ناحية ، لكنها رفضت تقديم مساعدات عسكرية لاوكرانيا من ناحية أخرى واقتصرت المساعدات على الاغراض الانسانية. الى جانب أنها جلبت امتعاضا من المندوبة الامريكية في الامم المتحدة ليندا غرينفيلد(Linda Thomas-Greenfield) بعد امتناع اسرائيل عن المشاركة في صياغة مسودة القرار الذي تم تقديمه للجمعية العامة للامم المتحدة لادانة العملية العسكرية الروسية.
ويرى بعض الخبراء الامريكيين ان نجاح ترتيب التفاوض بين اوكرانيا وروسيا سيجعل من رئيس الوزراء" شخصية دولية،ويخفف من صورة اسرائيل السلبية لا سيما في ضوء سياساتها تجاه الفلسطينيين" ويجعل منها عاملا قويا في تجنيب العالم مواجهة قد تكون كارثية  ، غير ان المراقبين يرون ان الدور الاسرائيلي في هذا المجال تراجع بسبب شدة التعقيدات في جوانب الازمة من ناحية والامتعاض الغربي من قصور الموقف الاسرائيلي عن نقطة الادانة الواضحة للعملية العسكرية الروسية في اوكرانيا من ناحية اخرى، الى جانب ان النتائج الباهتة للمحاولات التركية والفرنسية للوساطة لا تغري على توقع انجاز اسرائيلي هام في نفس المجال، وهو ما قد يكون له نتائج سلبية على الدبلوماسية الاسرائيلية كما رأى خبير اسرائيلي من أن "رئيس الوزراء خاض في الوحل الاوكراني دون ان يدرك تماما عمقه". 
4- احتمال الحصول على مقايضة مع الروس في الشأن الشرق اوسطي مقابل بعض المواقف الاسرائيلية تجاه روسيا، وقد عبر رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق ايهود اولمرت عن ذلك بقوله " نحن امام وضع دقيق للغاية، فمن ناحية ، إسرائيل حليف للولايات المتحدة وجزء من الغرب ، ولا يمكن أن يكون هناك شك في ذلك". ومن ناحية أخرى ، فإن الروس موجودون في سوريا ، ولدينا مشاكل عسكرية وأمنية حساسة في سوريا ، وهذا يتطلب حرية معينة للجيش الإسرائيلي للعمل في سوريا ، ومن غير الممكن ان يتم ذلك دون مراعاة التوجهات الروسية ." فاسرائيل تريد استمرار التقييد الروسي لاستعمال سوريا لمنظومة صواريخ أس 300 وضمان عدم تزويد سوريا لاحقا بالمنظومة الدفاعية الروسية اس 400 والتي نصبها الروس حول مراكز تواجدهم في سوريا، وتعمل اسرائيل ايضا على تحاشي اية مواجهة مع الطيران الروسي في الاجواء السورية ، ناهيك عن ادراك الاسرائيليين ان روسيا هي أحد الجالسين في فيينا على طاولة التفاوض بخصوص البرنامج النووي الايراني الذي تعتبره اسرائيل موضوعا في غاية الاهمية بالنسبة لها وهنا يبرز احتمالان:
أ‌- إما ان تحاول الولايات المتحدة اغراء ايران وتقديم تنازلات لها في الموضوع النووي مقابل موقف ايراني ابعد مسافة عن روسيا - بقدر ما - بخاصة مع ضغوط الازمة الامريكية ورغبة روسيا في لجم الموقف الروسي.
ب‌- او ان تتشدد الولايات المتحدة مع ايران فتتجه ايران كرد فعل نحو عدم المشاركة في اي عقوبات ضد روسيا بسبب الازمة الاوكرانية، ومن المؤكد ان هذا الخيار هو الافضل لاسرائيل.
يضاف الى كل ما سبق،الرغبة الاسرائيلية في الحفاظ على التواصل مع بعض النخب الروسية اليهودية ( بخاصة الاثرياء منهم وذوي الصلة بالرئيس بوتين مثل قطب البترول والألومينيوم والصلب الروسي اليهودي رومان ابراموفيتش(Roman Abramovich) المعروف بصلاته مع اسرائيل والحاصل على جنسيتها عام 2018) الى حد السعي لضمان عدم خضوع هؤلاء للعقوبات الغربية.  رغم أن الخزينة الامريكية ابدت هواجسها من ان عدم اخضاع هؤلاء للعقوبات قد يجعل منهم صلة وصل مع البنوك الاسرائيلية لتحويل الاموال او " غسيلها" لصالح الدولة الروسية مضافا الى كل ذلك الرغبة الاسرائيلية في استمرار علاقاتها مع من تبقى من اليهود في روسيا بخاصة مع احتمالات هجرتهم لاسرائيل.
5- امكانية قيام اسرائيل بتعويض الغاز الروسي في الاسواق الاوروبية: قبل الازمة الاوكرانية وتحديدا في ابريل 2017 تم عقد اجتماع بين وزراء الطاقة في اسرائيل وايطاليا وقبرص واليونان لبحث امكانية تخفيض الاعتماد الأوروبي على الغاز الروسي من خلال انبوب يمتد تحت مياه البحر المتوسط من سواحل فلسطين المحتلة الى السواحل الاوروبية،وتم الاتفاق على ان يكتمل هذا المشروع عام  2025، لكن الولايات المتحدة  ابدت معارضتها للمشروع في يناير 2022 بسبب "ما اعتبرته : عدم جدوى للمشروع ولمخاطره البيئية " علما ان اوروبا تستورد " 155 مليار م3 " من الغاز الروسي طبقا لارقام عام 2021. وقد عاد الموضوع مرة أخرى من خلال ما راج من انباء عن طلب الحكومة الامريكية من اسرائيل المساهمة –مع دول اخرى- في تعويض اوروبا بالغاز البديل للغاز الروسي رغم الادراك بأن الانتاج الاسرائيلي لا يكفي.
وبعد نشوب الحرب الاوكرانية بحوالي اسبوعين برز الدور التركي في العرض على اسرائيل وقبلها أذربيجان لتمرير غازهما لاوروبا من المرافق التركية الى جانب التعاون مع مصر في هذا المجال، وتم طرح الموضوع بشكل واضح خلال زيارة الرئيس الاسرائيلي هيرتزوغ الى تركيا في مارس  2022 ولقائه مع الرئيس التركي أردوغان. ،واستغلت اسرائيل الازمة الاوكرانية لاصلاح بعض تصدعات علاقاتها مع تركيا  رغم ان علاقاتها التجارية مع اسرائيل تعرف تصاعدا جعل حجمها يصل الى 8.4 مليار دولار بزيادة 35% عن السابق، الى حد تواتر انباء عن " طلب اسرائيل من تركيا " ضبط نشاط حركة حماس في الاراضي التركية بمنعها من القيام باي عمليات ضد المصالح الاسرائيلية.
6- الاعتبارات الاسرائيلية الداخلية : ثمة ثلاث شرائح تعمل اسرائيل على مراعاتها عند تحديد اي موقف في الازمة الاوكرانية وهي:
أ‌- المجتمع الروسي 
ب‌- يهود روسيا في اسرائيل
ت‌- يهود أوكرانيا في اسرائيل
وتشير تقارير مختلفة الى وجود بعض التباين في توجهات اليهود في اسرائيل ممن هم من اصول روسية وأولئك ممن هم من خلفية اوكرانية تجاه الازمة الاوكرانية الحالية،   ، ورغم نقص المعلومات عن مواقف يهود اسرائيل من الخلفية الروسية او الاوكرانية من الازمة الاوكرانية الحالية ،إلا أن  دراسة أكاديمية لموقف الاقليات اليهودية في روسيا وأوكرانيا خلال ازمة القرم عام 2014  اشارت الى ظاهرتين:
أ‌- ان مواقف اليهود في روسيا خلال الازمة كانت متباينة بشكل واضح عن مواقف يهود أوكرانيا،اذ كانت كل اقلية اقرب في توجهاتها للدولة المضيفة.
ب‌- أن موقف الحياد الاسرائيلي قائم في احد اعتباراته على عدم الرغبة في التأثير على علاقة الاقلية اليهودية بالدول المضيفة لها (روسيا او  اوكرانيا).
7- الانعكاسات الاقتصادية للازمة: 
تتجلى الآثار المباشرة للأزمة على الاقتصاد الفلسطيني في جانبين:
1- ارتفاع اسعار الوقود والقمح سيزيد من اعباء الموازنة الفلسطينية في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، لا سيما إذا علمنا ان 70% من السلع يتم استيرادها من الخارج، فالحديد كسلعة مهمة للقطاع الاكبر في قطاع غزة ارتفعت اسعاره 30%،والاسمنت 24%، ناهيك عن ارتفاع اسعار المواد الغذائية لاسيما مع حلول شهر رمضان خلال الايام القليلة القادمة، فقد ارتفع سعر الطحين حوالي 30% علما ان 35% من هذه المادة تأتي من روسيا، كما ارتفعت اسعار الزيوت بمعدل 7% والسكر 10%، وكل ذلك سيؤثر على نسب التشغيل في المنشآت الانتاجية وبالتالي رفع نسبة البطالة التي تصل حاليا الى حوالي 50%. 
2- بعد قرار الاتحاد الاوروبي في مارس 2022 " بتأجيل" تسليم مساعدات الاتحاد للسلطة الفلسطينية( وقيمتها 235 مليون دولار) بسبب ما اعتبرته هنغاريا " نزعة معادية للسامية في مناهج التعليم الفلسطينية" فان الاتحاد وبعد اعباء مواجهة الازمة الاوكرانية وتبعات الحصار على روسيا قد يقلص من مساعداته سواء للسلطة او لهيئات المجتمع المدني الفلسطيني، وقدرت بعض المصادر ان التخفيض في المساعدات قد يصل الى حوالي 10%.
3- اما على الجانب الاسرائيلي ،ففي ظل تصاعد العقوبات الاقتصادية المتبادلة بين القوى الغربية وروسيا، فان التأثير على الاقتصاد الاسرائيلي سيكون  مرتبطا بالسياسة الاسرائيلية، فحجم التبادل التجاري بين روسيا واسرائيل هو 3.373 مليار دولار(2.415 مليار دولار صادرات روسية لاسرائيل مقابل 958 مليون دولار واردات روسية منها) ، اي ان حجم الواردات الاسرائيلية من روسيا لا تشكل اكثر من 2%، فقط، وقد يكون التاثير من جانب ارتفاع الاسعار لبعض المواد( البترول والغاز والفحم و القمح بشكل رئيسي) الى جانب التاثير على بعض الشركات المستثمرة في روسيا بخاصة مع انخفاض قيمة الروبل وصعوبة الوفاء بالمدفوعات للشركات الاسرائيلية في ظل تقييد التحويلات المالية باخراج روسيا من نظام الSWIFT، وستزداد حدة هذه الآثار على الاقتصاد الاسرائيلي  طرديا مع طول فترة استمرار الازمة،لكنها اقل اهمية على المدى القصير. بخاصة من زاوية الالتزام الاسرائيلي بالحصار الاقتصادي الدولي على روسيا.
الخلاصة:
يمكن ان نلخص اهم الملامح في انعكاسات الأزمة على القضية الفلسطينية في الآتي:
أ‌- ان الطرف الاسرائيلي في موقف دبلوماسي حرج بخاصة اذا تصاعدت الازمة لان موقف الحياد في هذه الحالة سيكون مكلفا لاسرائيل من احد الطرفين.
ب‌- ان الاولوية لاسرائيل هي جلب اكبر قدر من يهود طرفي الازمة بخاصة الاوكران الى فلسطين المحتلة. 
ت‌- ان احتمالات نجاح الطرف الاسرائيلي في القيام بدور الوسيط تبدو ضئيلة للغاية.
ث‌- ان ارتفاع اسعار مصادر الطاقة والقمح  سيكون له عبء على الطرف الفلسطيني اكثر منه على الطرف الصهيوني. 
ج‌- تكريس فكرة ازدواجية المعايير في المواقف الغربية من الصراعات الدولية ،وهو ما تشير له ردات فعل نخب اوروبية وأمريكية مختلفة.
ح‌- ان الانتصار الروسي قد يكرس فكرة التعدد القطبي الدولي ،وهو امر قد يكون له " بعض النتائج الايجابية " على درجة الانحياز ضد الفلسطينيين في اتجاهات السياسات الدولية من القضية الفلسطينية.
التوصيات:
أ‌- من الضروري على اطراف محور المقاومة تصعيد عمليات المقاومة لجعل فلسطين نقطة غير جاذبة ليهود اوكرانيا او حتى يهود روسيا ودفعهم للهجرة الى مناطق بديلة لفلسطين المحتلة، ولعل عملية المقاومة التي وقعت في 22 مارس 2022 في النقب والتي قتل فيها 4 من الاسرائيليين تستجيب لهذه الضرورة نظرا لان منطقة النقب هي من المناطق المحددة بشكل واضح لتوطين مهاجرين اوكرانيين، وهو ما يعزز هواجس هؤلاء المهاجرين ويدفعهم للبحث عن هجرة لغير اسرائيل.
ب‌- تعزيز الحملات الاعلامية الخاصة بازدواجية المعايير في الدبلوماسية الغربية من خلال عقد المقارنات بين الموقف الاعلامي والدبلوماسي الغربي في اوكرانيا وموقفه في فلسطين.
2023 © جميع الحقوق محفوظة - الجمعية الاردنية للعلوم السياسية