صدور دراسة جديدة للزملاء د.أحمد الكفارنة، د.محمد بني عيسى بعنوان الثقافة الوطنية والسياسية

السيدات والسادة الكرام

تحية طيبة وبعد،،

يسرنا اعلامكم صدور دراسة جديدة للزملاء د.أحمد الكفارنة، د.محمد بني عيسى  بعنوان الثقافة الوطنية والسياسية مرفق ملخص الدراسة أدناه.

- كل ما ورد في الدراسة يمثل الزملاء  شخصيا

 

وتقبلوا وافر الاحترام والتقدير

رئيس الجمعية الاردنية للعلوم السياسية

أ.د.خالد شنيكات

 

ملخص 

(الثقافة الوطنية والسياسية)

    تعد الثقافة الوطنية المكون الرئيس لمزاج أي شعب يستمد منها تصوراته للعالم وبواعثه على السلوك، تظهر سماتها في الأفراد والشعوب على حد سواء، وفي الوعي الفردي والوعي الاجتماعي والتاريخي. فهي تعبير عن أمزجة الشعوب وطبائعها وتاريخها على نحو استنباطي أولي. وقد يسميها البعض الثقافة (القومية) بدلًا من (الوطنية)، وهي أيضاً تسمية صحيحة. فارتباط الثقافة بالوطن ارتباطها بالقوم. إذ لا وطن بلا قوم، ولا قوم بلا وطن. وسيرد اللفظان مترادفين. إلا أن لفظ (القومية) قد يدل على مذهب معين للقوميين، في حين أن لفظ (الوطنية) يشارك فيه الوطنيون جميعاً قوميين أم ليبراليين، ماركسيين أم إسلاميين. وتتكون الثقافة الوطنية من عناصر عديدة في مقدمتها الدين والتراث الديني والِحكم والأمثال العامية والعادات والتقاليد، وسير الإبطال والملاحم الشعبية وشواهد من تاريخ البطولة وحكمة الشعوب.

 

     فما زال الدين أهم روافدها لا العلم، ولا التقنية ولا التصنيع، ولا حتى الإصلاحات الاجتماعية والإنجازات وغيرها. أما الوافد المعاصر من مظاهر الحداثة كالعلم والتقنية والتصنيع وأساليب الحياة الحديثة، فهي حديثة العهد على الثقافة الوطنية، محاصرة في طبقة محددة، وإن اتسع أثرها في باقي الطبقات الشعبية خاصة فيما يتعلق بالأجهزة التكنولوجية الحديثة. وبالإضافة إلى هذين المصدرين الرئيسيين للثقافة الوطنية، الموروث والوافد المعاصر، فهناك أيضاً الواقع المباشر الذي منه نشأت بتشابكه، وتضارب مصالحه، واختلاف طبقاته، وصراع قواه. الثقافة الوطنية إذن على مفترق طرق ثلاثة: الموروث الديني، والوافد المعاصر، والواقع المباشر. وإن إعادة بناء الثقافة الوطنية في البلاد النامية تحل إشكالها الرئيسي، وهو ازدواجية الثقافة بين المحافظة الموروثة والحداثة الوافدة ثم انعزال كل منهما عن الواقع المباشر للناس، لمصلحة الشعوب وتحديات العصر. وهي أساس التحديث الشامل سواء التغير الاجتماعي، أو نقل المجتمع كله من مرحلة تاريخية إلى مرحلة أخرى.

 

    إن إعادة بناء الثقافة الوطنية هي جزء من تحديث المجتمعات وضمان لاستمرار موروثها حتى لا تصاب بالردة. فما زالت الشعوب النامية تمر بمرحلة انتقال من التقليد إلى الحداثة، من القديم إلى الجديد، من التراث إلى المعاصرة. وقد استطاعت الثقافة الوطنية كأي إيديولوجيات سياسية وهويات قومية تثوير الشعوب. وقد استطاعت الثقافة الوطنية في تاريخنا الحديث أن تكون المهد الذي منه خرجت حركاتنا الإصلاحية الحديثة. الثقافة الوطنية هي جمع بين العلم والمواطنة، وهما شرطان لتقدم كل شعب. فلا علم بلا التزام قومي، ولا التزام قومي بلا علم.

وأخيراً، تعبر الثقافات الوطنية عن خصوصيات الشعوب ضد ما يسمى بالثقافة العالمية التي غالباً ما تكون في العادة الثقافة الغربية، وضد شمولية العلم الذي هو في العادة أيضاً العلم الغربي نظراً لأن الثقافة المعاصرة والعلم الحديث قد ظهرا في عصر الريادة الأوروبية في القرون الخمسة الأخيرة.

 

    وفي المقابل، تعد الثقافة السياسية من أهم ركائز علم الاجتماع السياسي، وباتت دراستها اليوم ضرورية أكثر من أي وقت مضى، نتيجة لحالة عدم الاستقرار السياسي الذي يشهده العالم، وأيضاً نظراً لغياب قاعدة ثقافية سياسية جماهيرية تتكفل بخلق حالة من الانسجام بين الانظمة والشعوب، أو بين الحكام والمحكومين.

يمكن القول إنه عند الإلمام بمفاهيم الثقافة السياسية وعناصرها وتراكيبها ومن ثم كيفية ممارستها داخل المجتمع، هنا نكون أمام مبشر جيد ونكون قد حصلنا على قاعدة متزنة تخلق بدورها حالة من الاستقرار المجتمعي وتكوين للذات الفردية والإحساس بالهوية الوطنية. وبالتالي، فإن وصول الفرد لهذه الحالة وامتلاكه لكل مكونات الثقافة السياسية، بديهيا تتشكل لديه الرغبة الملحة في المشاركة السياسية على مستوى اتخاذ القرارات والسياسات ذات العلاقة بالنظام السياسي. وفي ظل ذلك لا يمكننا غض البصر عن الواجبات الواقعة على عاتق النظام السياسي، مثل توفير البيئة الخصبة للمواطن لكي يشعر بكينونته، وأن تضمن له الحرية الفكرية وآلية العمل والمشاركة الشعبية في سياسات الدولة وقضايا المجتمع، فمن هنا نضمن وجود حالة الانسجام بين الطرفين. فعندما نأتي للحديث عن النظام السياسي ودوره في مسألة ضبط السلوكيات، فحينها يمكننا القول إنه من المفترض على أي نظام سياسي نشر قاعدة ثقافية وقيمية ملموسة على أرض الواقع يتأثر بها الفرد أو الجماعة، علماً بأن أي سلوك سياسي يظهر يكون نتاج مجموعة من القيم الإنسانية والأخلاقية والثقافية والذي يقع عاتق تصديرها للمجتمع هو النظام وهذه مسألة متراكمة عن تجربة الشعوب عبر التاريخ .. فكلما زاد الوعي السياسي والثقافي والاجتماعي تراكمت القيم والسلوكيات السياسية الأكثر أخلاقاً لدى المجتمع.

    و يمكننا القول أن الثقافة السياسية بدورها الفاعل تؤثر على الحياة السياسية والسلوك السياسي عامة وعلى النظام السياسي بشكل خاص، لذلك فإن القوى السياسية المختلفة بما فيها قوى النظام السياسي تعمل على تحريك وصياغة مواقف المواطنين والأفراد انطلاقاً من المعطيات الثقافية السائدة في المجتمع ومدى تأثيرها في سلوك المواطنين والأفراد والجماعات، وأن كل ما تم طرحه يتوقف نجاحه على وجود تنشئة اجتماعية – سياسية للمجتمع موازية للثقافة السياسية التي يروج لها النظام السياسي وما دام هذا التفاعل قائم بين الحاكم والمحكوم، الحاكم بسياساته والمحكوم بنظامه الاجتماعي فهذا مبشر للسير في الطريق الصحيح حيث التقدم والنهوض والازدهار.

     إن مفهوم الديمقراطية ومن أجل صياغته وتبنيه يحتاج إلى الكم الكبير من الإدراك والمعرفة على المستوى المحلي والإقليمي، ودراسة مضامين وملامح المرحلة أياً كانت، وهذا بدوره لا يخرج عن دائرة الإلمام بالثقافة السياسية .. فمن الممكن أن نقول إنه عندما نستطيع تحديد الثقافة السياسية لدى المجتمع فمن هنا تتوفر لدينا القدرة على تحديد ماهية النظام السياسي لديه. فجميعنا يتيقن بأن الديمقراطية هي حلم كل الشعوب والتي بدورها تقوم على مبدأ سيادة الشعب أو الأمة فهذا بذاته حرية سياسية ومن هنا نختم القول بأنه لا يمكن للديمقراطية أن تفرض نفسها في مجتمع لا يحوي القليل من حرية التفكير العقلاني ويعاني من أزمة ثقافية عامة.

   لعلّ هذا المؤلف قد أظهر مدى حاجة المجتعمات للثقافة السياسية والإلمام بتراكيبها ومتغيراتها كونها هي من تنظم عمل وسلوك وآراء الأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد ومدى تفاعلهم مع الأنظمة الحاكمة. ونشير إلى ضرورة خلق حالة انسجام بين الحاكم والمحكوم، ليصبحا أكثر مرونة من أجل استقبال وعمل أي برنامج ومشروع وتنفيذ أي سياسة تتناسب ومجتمعهم، فمن هذا المنطلق نضمن أن تكون وحدة ثقافية متّحدة تقف سداً منيعاً في وجه أي خطر داخلي أو خارجي من الممكن أن يهدد الدولة.

    وعليه؛ فالثقافة الوطنية اذاً من أهم روافع التربية الوطنية والمدنية في المجتمع التي تهدف إلى بناء المواطن الأردني والعربي كذلك القادر على التصدي لأهم القضايا التي تواجه الوطن بمختلف اشكالها. وان الثقافة السياسية ايضا تمثل لأي نظام سياسي حجر الأساس في اي عملية بناء جديدة، فالديمقراطية لا تعتمد على الدساتير المكتوبة فحسب، بل على قواعد ومعايير عرفية غير مكتوبة ايضا، تعكس مستوى التفاعل بين النخب السياسية من ناحية، وبين النخب والمواطنين من ناحية أخرى. ومن هنا جاء هذا الكتاب ليوطد وعي شبابنا الاردني والعربي في الجامعات ومعاهد العلم بثقافة وطنية وسياسية شاملة هدفها إيجاد جيل يحافظ على موروثه الثقافي مؤمنا بماضيه وحاضره ومستقبله.

    ويتضمن هذا الكتاب الهام الذي يؤكد على اهمية الثقافة الوطنية والسياسية، على ستة فصول. حيث يتناول الفصل الاول:  مدخل عام إلى الثقافة الوطنية والسياسية، والفصل الثاني: الدولة الأردنية: الجغرافيا والنشأة والتطور السياسي، والفصل الثالث: المجتمع الاردني، والفصل الرابع: النظام السياسي الاردني، والفصل الخامس: الامن الوطني والتحديات المعاصرة، واخيرا الفصل السادس: دورالعمل المؤسسي في تحقيق أهداف التربية.

 

 المؤلفان

 

2023 © جميع الحقوق محفوظة - الجمعية الاردنية للعلوم السياسية